الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{153} وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ{154} وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
إن القلب ليحزن .. وإن العين لتدمع .. وإن لفراقك يا رحاب لمحزونون !
هكذا الصبر ، كما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]رحاب بنت محمد بن سعيد الشيباني ، من مواليد ولاية أدم 4/10/2002م عمرها 8 سنوات وتدرس في الصف الثاني ، وهي الطفلة الثانية لأخي بعد ابنته رهام .
نشأت رحاب بين أهلها في بيت جدها ، وأصبحت المحبوبة الأولى من بين الأحفاد نظراً لما تتميز به من صفات محمودة الخصال قلما نجدها في كثير من الأطفال .
فرحاب الحبيبة ، كانت هادئة الطباع ، حنونة تحب الأطفال كثيراً ، ولا تحب أن تتشاجر مع أحد أبداً ، بل كل الأطفال يحبون اللعب معها لما تحمله من خصال .. لا تحب أن يزعل عليها أحد أبداً ، وإذا سمعت من يقول لها أن فلان ( زعلان عليها ) تبكي كثيراً ! كيف لا وهي الضحوكة المبتسمة بابتسامتها الحانية .
ما كان يميزها عن سائر الأطفال أنها تحب أن تساعد الآخرين ، فتارة في المطبخ وتارة أخرى ترتب الغرفة .. وكثيراً ما تطلب من جدتها أن تعطيها واجبات لمساعدتها .. فكانت لا تشتكي من تعب أو إرهاق أو مرض ، فكانت مثالاً للصبر !
وما كان يميزها عن إخوتها أنها كانت المقربة إلى والديها ، فهي التي تقوم بتنشيف شعر والدها بعد السباحة ، وتقوم بعملية تدليك ومساج له بطريقة جداً مهذبة ولطيفة ، وكانت تفتح له باب البيت لدخول سيارته، فكان مجمل ما تقوم به هو لإرضاء والديها وربها ودخول الجنة .. فكانت تقول لأمها بعد كل عمل تقوم به : ( أنا أعمل هذا لأجل دخول الجنة ! )
فيا لبراعة هذا الكلام ! وما أحسنه في روحها الطاهرة !
قبل أيام ليست ببعيدة : كنت ألعب مع رحاب اللعبة التي تحبها .. وهي أن أخبرها عن ميزات عمل وتقوم هي بإخباري عن المهنة .. فكنت أقول : إنسان يلبس قميص أبيض ويعلق معه سماعة في رقبته .... فقا لت لي : هذا هو الدكتور ، ثم قالت لي : ( خالي جوديه أنا أحب أن أكون دكتورة ) *1
لم يكن أحداً ليعرف أن قدر الله أسرع من مستقبل رحاب ، وأن موتها أتى على يد المهنة التي أحبتها !
أحداث الجريمة :
كانت رحاب تعاني من وجود لحمية في أنفها .. وكان لها أن تعيش بوجود هذه اللحمية طيلة حياتها ، لكن اهتمام أهلها بها وحبهم لها هو الذي جعلهم يفكرون في استئصال هذه اللحمية لأجل راحة ابنتهم .
لم تكن رحاب الوحيدة من الأطفال التي تعاني من هذه الظاهرة .. بل هناك الكثير من الناس من صغار وكبار قاموا باستئصال هذه اللحمية ، فهي تحتاج لعملية بسيطة .
فكان الموعد في مستشفى نزوى .. فرفض أهلها القيام بالعملية في هذا المستشفى الذي يحمل سجلاً أسود في تعامله مع المرضى وخاصة من العائلة ، وما حدث في موت جدي العزيزين هناك .
فتم نقل ملفها لمستشفى النهضة المتخصص لمثل هذه العمليات !
صورة رحاب قبل يوم من استشهادها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قبل يوم من الجريمة
كانت رحاب مسرورة فرحة ، تتمتع بكامل طاقتها وحيويتها .... وكانت متحمسة لهذه العملية ، فما عرف عنها الخوف ، فقد كانت تعطي يدها للطبيب لأجل فحص الدم وهي تبتسم ، ولا تخاف من الحقن أبداً !
وكانت في الليلة قبل العملية ترسم أزهاراً وتلعب مع جدتها في الغرفة التي تنام فيها بالمستشفى .. وكانت جداً مسرورة مع جدتها التي تحبها كثيراً .
وفي الصباح وقبيل الموعد المشئوم .. أفاقت رحاب كعادتها بابتسامتها الرحبة ، وتقول لجدتها كلاماً لعله شاهداً لها ولصبرها ولحسن طبعها :
( جدتي ، أنا صبرت لما أخذوا مني فحص الدم – وكانت تريها يدها – إللي يصبر يدخل الجنة ؟!! )
فقالت لها جدتها ( أيوه حبيبتي ، إللي يصبر يدخل الجنة )
قالتها بكل معنى الطفولة والبراءة ..
وقبيل لحظات من العملية اتصلت بجدها وتحدثت معه وكأنها تودع !
أدخلوها العملية عند الساعة 8 صباحاً من يوم السبت 20/3/2010م .. وبعد ساعتين وصلني إتصال من أمي يخبرني أن رحاب توقف عندها ال قلب وهي بالعناية المركزة !
وبعد اتصلنا بالمستشفى ونحن في الطريق أخبرونا أن حالتها مستقرة !
إلى أن وصلنا المستشفى .... وهناك وجدنا ممرضة في استقبالنا ..فسألناها عن رحاب ، فأجابت :
لا أملك معلومات عنها .. سآخذكم للدكتور ليخبركم النتيجة ...
فذهبنا خلفها ولا نعرف مصير الحبيبة رحاب .. فصعدنا إلى الأعلى .. والخطوات تتسابق .. والقلب ينبض .. ابتعدنا قليلاً عن الأقسام .... والخوف يملاً قلبي ، كما يملأه التفاؤل بصحة حالتها .. فصعدنا إلى أن وصلنا إلى ( المدير التنفيذي ) وهناك استقبلتنا ( أفراح ) فجلسنا في المكتب ولم يسمح لي ونسيبي الدخول مع أخي لمقابلة الطبيب .. وبعد لحظات رأيت أخي يخرج ومعه أحد المسئولين .. فمشيت خلفهم .. إلى أن نزلنا المختبر ، وعلامات التعجب منتشرة حولي .... وما هي إلا لحظات حتى خرجنا .. ولكن هذه المرة ليس كما خرجنا بعيداً عن الأقسام .... بل بعيداً عن كل الأقسام .. توجهنا خارج المبنى .
وهناك كانت رحاب تتراءى لي ، وكنت أتذكرها عندما تتعلق بي عند عودتي من البيت .. كلهم يتركوني بعد مصافحتهم لي ، إلا رحاب ، فتظل باقية في صدري متشبثة بي !
وتقدمنا من غرفة ليست كباقي الغرف .. فهي أشبه بمجمع كهرباء أو لـ ....
وعندما فتح الباب رأيت ثلاجات شبيهة بالثلاجات التي يوضع فيها ضحايا أطفال غزة !
فانفجرت باكياً .. وكان أخي في تلك اللحظة يبكي كثيراً جداً
لم أتمالك نفسي وأنا أرى رحاب في تلك الوضعية ، والدم يقطر من أنفها !
ما كنت أتوقع أن أراها كالذبيحة في الثلاجة .. ليتهم قالوا لي أنها توفيت وكفى !
فما أصعبه من موقف على قلبي ..
وما أغلاك يا رحاب .. ما أغلاكِ !
نقلنا إلى البيت لتغسيلها ..
والبيت ممتليء عن آخره بالنساء والأطفال ..
حتى الحمام والطيور أتت لتحلق وتقف على غير العادة فوق السطح
وكأنها خائفة مرتعدة .. تطير وتعود .. ثم تطير لتقف أعلى السطح وأمام رحاب مباشرة لتودعها الوداع الأخير !
حتى الطيور يا رحاب تبكيكِ
فكل ما في الكون يذكرنا بكِ
فكم كنت حنونة على الطيور والقطط والحيوانات
وكم كنتِ حنونة علينا جميعاً
في الجنة الخلد يا رحاب الحبيبة
فإنا لله وإنا إليه راجعون